الأربعاء، 26 يونيو 2013

كلاكيت آخر مشهد

"جربت تصحى لوحدك.. تمشي لوحدك رغم ان الشارع ناسه كتيير"
لم يدرك الحاضرون أن تلك الكلمات من الأغنية هي التي دارت بخلده في تلك اللحظة التي كان يرقد فيها في السرير المتهالك غارقاً في غيبوبته التي استمرت لأكثر من عشرة أيام متواصلة في ذلك المبنى القديم من تلك المشفى العتيقة التي تقع على الأطراف النائية من المدينة.
لم يكن المشهد سيئاً لتلك الدرجة، فما كان يظنه الحاضرون الذين اتوا لزيارته ذلك الصباح، أن الغيبوبة لا تختلف عنها عن النوم والأحلام وربما أسوأ، خطأ تماماً ظنهم كان خطأ، فهو لم يستمتع في حياته أكثر من تلك الأيام التي لا يستطيع احصائها ولا يستطيع أيضاً نسيانها، لقد كانت بمثابة يوتوبيا التي لم يصل لها أحد، كانت مدينة البط التي لم تتجاوز صفحات مجلات ميكي التي تملأ مكتبته، تجاوز سحرها سحر هوجوورتس، وتجاوزت مغامراتها مغامرات شارع بيكر في حقبة لندن الضبابية.  
قد لا تختلف تلك الحياة عن حياته الطبيعية إلا أن ما يميزها أنه هو من يصنع العالم وهو من يضع القواعد، هو من يختلق الأشخاص وهو من يعطيهم طبائعهم وانماطهم وحتى أخلاقهم.
 
صوت عميق أخذ يتردد في المكان الموجود هو به، أخذ يكتنف عقله، صوت يأتي من اللازمان واللامكان، صوت لا يدرك ماهيته، لكن عمقه جعله يؤكد أنه حتماً صوت ذكوري،  لم يدرك ان ذاك الصوت له نبرة جميله إلا حين بدأ الصوت العميق يغني:

                                   أخبرني عن من يحـمل همـك ..... أخبرني عن من يفك أسرك
                                                    أخبرني عن الحياة الخارجية ..... أخبرني عن السعادة الأبدية
                                                                          أخبرني تصبح حراً إلى اللانهائية      

ظلام
تفكير ... تفكير عميق
تك .. تك .. تك .. الوقت يمضي
كان يرى الأشخاص من زاوية أخرى غير التى اعتاد أن ينظر منها، كان ينظر لهم من نظرة لا عب الشطرنج في مباراة مصيرية، كان يراهم كمعلق لمباراة نهائية.

العم مشغولٌ في اشعال سيجاره الكوبي الفاخر ويتحدث مع رجل عن سيارته الجديدة الفارهة، والعمة تتبادل الأحاديث السخيفة مع امرأة لا يعلمها ولكنها حتماً لم تاتي لأنها تهتم، والأطفال حاضرون، فأباهم ذهب إلى عمله ولم ينبأه خياله عن مكان أفضل من تلك المشفى التي يمكث فيها ليبدؤا في اللعب وازعاج رواد المشفى، وشاب وسيم مشغولٌ في القراءة ويعدل شعره من حين لآخر، والممرضة الثلاثينية الفاتنة تحاول لفت انتباه الشاب لكنه كان كالذي لا يهتم لشئ أكثرمن كتابه هذا إن تجنبنا شعره، والأصدقاء لم يكونوا مثل هؤلاء فهم تجنبوا النفاق بعدم الحضور من الاصل.

هو مغمض بصر لكنه بصيرته تحوم في المكان
 

صمت
تفكير ... تفكير عميق
تك .. تك .. تك .. الوقت يمضي


يسدل الستار وتغلق أنوار خشبة المسرح
أداء صوتي لأزيز الأجهزة التي تعلن انتهاء المسرحية

هكذا اختار فهو لم يرى أحد يستحق أن يختاره لكي يجعله يغامر من أجل الرجوع للعالم الأسوأ.                

الأحد، 23 يونيو 2013

أمس كما أتذكره

لم يفت عليّ يوم ولم أسترجع ما كان يحدث في تلك الفترة، التي بدت لي كأنها ميلادي الذي لم أنزل فيه من رحم ولكن حتماً عقلي ولد هناك، كل مرة أفتح فيها مذكراتي، وكل يوم كنت أرى فيها أحدهم يزداد حماستي لمقابلتها مرة أخرى، كل يوم كنت اتعرف على أحدهم كنت أحاول أن أسأله عنها وكيف هي ؟!!

قد لا تعلم من هي او أنك لم تقابلها في الحياة أو أنك قد قابلتها ولكنها كانت كالشخص الغير موجود ولا يهتم به أحد كما تقول هي، كانت بدايتي من بدايتها، وكنت أنا كما هي دائماً صامتين، حتى هم عندما أرادوا أن يجعلوا لي شريكاً في العمل لم يختاروا شريكاً سواها، ولكني تركتها منذ ثلاث أعوام ولا أعلم عنها شئ سوى كتاباتها التي تبهرني كل يوم آملاً في أن أقابلها يوماً من الأيام ولو عن طريق الصدفة لأسألها عن رفيقها الذي يؤنسها أو عن الهامها المستوحى، سوف أسألها عنها كيف أصبحت إلى ما كنت احلم وكيف تغيرت للأفضل

أعرف  أن امي قد قابلتها منذ فترة قصيرة، لا أعلم ما دار في النقاش ولكني حتماً أعلم أن أمي قد أحبتها كما أحبها أنا، وأعتقد أنها تبادل أمي نفس الشعور، وأمي لا تكذب في مشاعرها ولا تجامل!!

هي تكبرني بأكثر من عدة سنوات، لكنها كانت تعني لي الكثير في تلك الفترة، كنت أفرح عندما أرى في عينيها التساؤل، وكنت أسعد عندما أراها منتظرة رأيي، كانت لي هي الفتاة الوحيدة التي كانت تعاملني كما أريد


      أريد أن أراها الآن كالأمس الذي اتذكره لم تعبأ بالحياة أريد أن أراها كما تقول مدونتها، أريد أن أراها كما هي لم تتغير سوى للأفضل
             

السبت، 15 يونيو 2013

على ذكر الحكاوي 1

الآن وبعد أن عدت إليّ محملاً بروحي التي أخذتها معك، أستطيع أن أروي على لسانك بعض ما حدث، أستطيع أن أحكي عن تلك الأهازيج التي كنت أدندنها وأنا ذاهب ونواحي الداخلي وأنا عائد لا أستطيع الفرار من جسدي أستطيع أن أقول للجميع ان اليوم على قدر ما كنت أرقص طرباً على قدر ما كنت تبكي دمعاً نعم الرجال يبكون في بعض المراحل غالباً ما تكون من تلك الأشياء التي تمس شخصياتهم، نعم لم يسمع تنهيداتي احد ولكني بالتأكيد أشعر بها، لم يكن يوماً عادياً على الاطلاق فرؤية من لم ترهم من أربع سنوات ليس بالامر الهين عليك، عندما تراك امام مرآة الزمن والعمر قد طعنك طعنته الأولى، تشعر بالفرحة تشعر بالسعادة ولكنه لن يغامرك شعور الندم سوى في تلك اللحظات التي تكون فيها مغطى بالظلام وما اكثرها في حياة الوحيدين فهم من يكلمون انفسهم ويواسونها على ما هي عليه لتعود بعدها وتفتح مذكراتك وتقع في حفرة الماضي لتصل لمرحلة اللا شعور بالزمان والمكان، ستندم على ما فاتك في تلك السنوات وهي التي لم تمر أمامك في تلك اللحظات على شكل لمحات بسيطة عندما تصطدم بشخص لم تره من زمن لكن لم يتلقى الطعنة كما تلقيتها انت

أحياناً نتمنى أن نفر بأرواحنا من أجسادنا البالية ونرفض ان نكون ذوي جسد واحد... أعطني الوصفة أكن لك ممتناً      

الأربعاء، 5 يونيو 2013

نخب الانتقام

لم يتعرف على نفسه عندما نظر لها في المرآة المتسخة، لم يدرك إلى أي مدى قد أسرف في الشراب تلك المرة، رأى النظرة المتغطرسة المنعكسة امامه على المرآة المتسخة وكأنها تسخر من حاله الذي وصل إليه، لماذا لا يدرك شعور السقوط قبل أن يسقط لماذا لم يتذكر مرارة الندم قبل أن يفعل، لم يدر ماذا يفعل؟!!، هل يحرق ذلك الجسد الساخط عليه، هل يعذب نفسه لكي يشعر بمدى فداحة ما وصل به الحال، ولكن نيران الندم بدأت في الاشتعال مرة أخرى في أعماقه فهو بالطبع يتذكر تلك اللحظات التي قرر فيها النزول إلى تلك الحانة الرثة في آخر شارع تلك البقعة الرديئة من المدينة القميئة التي يعيش بها أو بمعنى أصح ما أجبره الواقع على العيش فيها، بالطبع يتذكر نفسه وهو يقف أمام مرأة شقته النظيفة، أدرك مدى فداحة ما آل اليه عندما رأى نفسه لم يعرف وجهه في البداية من أثر الاشراق البادي عليه فهو لم يتعرض حتى الآن إلى شحوب الشراب أو إلى سكاكين العمر أو إلى الضرب الذي يتعرض له دائما من حراس المكان نتيجة عدم سداده لدفاتر ديونه المكتظة، يتذكر بالطبع وجه تلك الفاتنة التي رقص معها أول رقصة في حياته كان يشعر بأنه يملك الحياة باكملها، ولكن كم كان مغفلاً في ذلك. انه كلما كان يشعر باشباع نشوته في الحياة لم يكن يدرك أنه يقتل روحه وتزداد انسانيته قباحة، لقد اصبح وجهه أكثر قبحاً ممن قد يكون استعمل هوركروكساً.      لكن اليوم اختلف الأمر لم يدر بنفسه وهو يترنح بجسده الذي امتلأ حوالي عشرين كيلوجراماً عن الصورة المشرقة، كان يترنح وهو يسب صاحب الحانة الذي أطلق عليه حراسه الذين بدأوا في ضربه بشدة واهانته أمام الجميع، لم يرحمه أحد تلك المرة، كأن روحه المقتولة عادت لتنتقم منه على يد هؤلاء الناس، لم يشعر بجسده وهم يحملونه خارج الحانة وينهالون عليه بالضرب والسب في الشارع أيضاً، لم يدر بشئ سوى عند استيقاظه بعد ساعات من رجوعه الى شقته التي ظهر بها عدم الاهتمام من صاحبها وهو يحاول ان يتذكر كيف عاد لكنه لا يعلم، انتابته كل تلك الذكريات في الحمام الخاص بشقته المتسخة وهو يحاول أن يقنع جسده بأن مفارقة الحياة هي أفضل شئ له في تلك اللحظات من أثر ما آل اليه الوضع لكنه يخشى من المجهول فربما يلقى روحه هناك وتسعى ان تنتقم منه شر انتقام ولا مجال للهروب من الجحيم وهي تقف امامه ساكنة ساخرة تحضر لنفسها كأساً تنوي أن تجعله نخباً قد تطلق عليه نخب الانتقام.                       

السبت، 1 يونيو 2013

حفل زفاف

كل شئ كان يوحي لها بأنها النهاية، الظلام يحيط المشهد إلى ما لا حدود للرؤية، والعدم يضمها بقوة إليه برغم أنها تشعر بكل شئ على الأقل تشعر بجسدها، ابتسمت بسخرية على ذلك المشهد، فهي لم تعتقد أبداً أن النهاية تكون بتلك السخافة التي صنعها له الكتاب، كان ينقص المشهد فقط تلك السلسلة من الذكريات التي عاشتها تعرض في شريط عرض شبيه بأشرطة السينما لتكتمل سخرية القدر عليها ، ولم يخطئ  العدم حدسها فها هو ذلك الشريط يعرض لها ذكرياتها لكن السعيدة منها فقط، وكم هي قليلة تلك اللحظات عندها.

 بدأت تعدها في ذلك العدم، ركزت في الشريط لتحصي تلك المشاهد لكنها انتبهت أن معظمها يكون المشهد وهي وحيدة، نعم تذكرت حلمها الصغير بعزلتها التامة عن الناس، لطالما اتهمتها صديقاتها بالجنون من هاجسها الذي يحثها على الانعزال التام عن الناس لا يؤنسها في خلوتها سوى كتابها ومشغل الموسيقى الخاص بها ولطالما أقنعتهم بتلك الصورة الشبيهة للحالة التي تريد أن تصل لها لطالما حلمت بأن تكون في وضع مثل الكردينالات في الخلوة الانتخابية لا يقطع حبل أفكارها أحد من الناس ولا يرى الناس منها سوى نتاج انجازاتها الذي يمثله الدخان الأبيض الخارج من مدخنة الكنيسة السيستينية، بالتأكيد هي قد قرأت هذا الوصف في أحد الكتب التي قرأتها لكنها لا تدري ما هو؟!!

سرحت بأفكارها قليلاً في كيف وصلت بنفسها إلى هذا العدم وإن كانت ميتة فهي لا تدري كيف ماتت، ولكنها كانت تعلم أنه إن كان هذا هو الموت فهو يروق لها كثيراً، لم تنتبه في أول الأمر لتلك الذكرى التي قد توقف عندها شريط ذكرياتها أو بنسيفها كما أسمته، لم تنتبه في بادئ الامر لتلك المرأة التي كان يبدو عليها أنها في العقد الخامس تقف أمام المشهد وتزغرط بصوت عالي وتقول ألف ألف مبروك يا حبيبتي، لم تفهم ما هذا ولكنها قالت لنفسها في سخرية "من تلك الشمطاء"؟!!

ولم يتأخر الرد عليها!! 

فبعد ثواني وجدت شئ يلكزها في مرفقها برقة، بحثت عن مصدره لكنها لم تدرك ماهية في الأول لكن ما شعرت به نتيجة لذلك الموقف أن العدم أصبح ينقشع بضوء مبهر ليجذبها له وتغلق عينيها من قوته، لكزها الشئ مرة أخرى وهي تسمعه يقول بصوت ذكوري "سلمي على عمتي يا حبيبتي". لتفتح عينيها ببطأ ويقع نظرها على شاب وسيم متانق بشدة في ملابسه الفاخرة.
التفتت بعدها إلى عمته التي ادركت انها هي الشمطاء التي تسائلت من هي في عدمها!!وردت على يدها الممدودة بنفس الفعل ولكن في بله تام



لم تدرك أنها الآن في حفل زفافها، ولم يدرك الحضور مدى اشتياقها للعودة لذاك العدم !!