الجمعة، 11 أغسطس 2017

شيء عن الحب

يَا لها مِن لَحظَةٍ مُدهِشَة
حِينَ تَجَلَّيتِ أَمَامِي
كَحِلمٍ مُشرِقٍ خَاطِف
كَلَمحَةٍ مِن الأُنُوثَةِ المُكتَمِلَة

عالم المُثُل فكرة يكتنفها الغموض، وتفتقد إلى الكثير من الخطوط العريضة، أطلقها أفلاطون قبل آلاف السنين، وقُتلت على يد تلميذه النجيب أرسطو، لكنها لم تبرح أفئدة الشعراء، ومخيلة الأدباء.
يتصور أفلاطون أن الحياة الواقعية بكل أشكالها، المادية والمعنوية، والروابط بينهما، ما هي إلا ظلال لوجود أكمل، انفصلنا عنه بشكل من الأشكال، وأصبحنا هنا. في هذا العالم لا يوجد إلا الآلهة، فلا شر ولا نقص ولا عجز، وكل ما نعرفه في هذه الحياة الدنيا، موجود بشكل كامل في عالم المُثُل.

واحدة من أكثر أفكار أفلاطون ارباكًا هي فكرته عن الحب، اعتقد أن الحب هو سعي نحو الكمال، وخطوة حقيقية في سبيل الحقيقة الصوفي، ففي عالم المُثُل كانت هناك كائنات متكاملة، بلا جنس متمايز، كائنات تحمل الجنسين وتمتلك أربعة أذرع وأربعة سيقان، ورأسين، عاقبها الإله بالانفصال، والحب ما هو إلا إعادة لم الشمل الحقيقي.

تؤكد فكرته، سلبًا، أن الشريك المثالي محدد مسبقًا، لا يكفي أن نبحث عنه جيدّا من ضمن مجموع البشر، بل علينا أن نتأكد من الاختيار، الذي يعاني من نسبة نجاح ضئيلة للغاية، كما تؤكد حقيقة عالم المُثُل أن مسعى الكمال سيظل دائمًا يعاني من النقص!.
ويتجلى الإرباك حقًَا في عملية الإدراك لطبيعة ما يُحاول أفلاطون حصره، فقد تحدث عن الحب بشكل لم يتفوق عليه أحد، وحكم على كل المحاولات بالخذلان.
 هل نُحسِن فعلًا الاختيار؟!، وهل من العقل أن نختار في ظل امتحان محكوم عليه بالفشل؟!، هل نسعى إلى الكمال بإيمان أن المصير محكوم بالنقص؟!
لقد تُركنا هنا.. بلا طرق وبلا إرشادات.. وكل الأصوات تنادي: هيا!
ولكنّي لا أملك سوى ان أدون عجزي عن المسير.

"أيا صديقة..
على وجه اليقين لا أعلم ما الذي ينتابني، ولكنني أفكر فيكِ كل يوم، وأتذكر أحاديثنا في كل لحظة، وكأن طيفك لا يبرح مكانه بالقرب مني، وكأنه لا يعبأ لرحيلك، وطول المسافات التي تقبع بيننا.
 أخوض غمار المجهول ولا أعلم كيف أصف أو أفسر.

 لو أنني أحببتك مثلما يُحب الناس لوهبت لعينيك مجازًا تردده الألسن في أنحاء العالم، وتتأوله الأفهام في كل الأصقاع، وتُقسم به الأنفس آناء الليل وأطراف النهار، لأهديتك مجازًا كرؤياك وتجليك خلال أيامي، ولجعلتك رمزًا لهذا العالم، الذي لم أشيده لكني أحس تجاهه بما هو أسمى من المحبة. من خلالك عزيزتي أرى العالم صافيًا هادئًا وقابلًا لكل ما أريد قوله، وأمام عينيك تتكشف لي حقيقة نفسي، أراني ضئيلًا وياللعجب لا أشعر بالحزن أو بالغضب، أشعر فجأة برغبة حارة في احتضان نفسي، وقوة في أن أبتسم في ظل وحدتي، تؤانسني صورتك، وتملأ أركان قلبي، فلا يسعه أن ينشغل بشيء وفي حرمه بعض منك.

 لن أقول فيك نصًا واصفًا فمن ذا الذي يقدر على وصف هذا الجمال، وأيضًا لن يكون حديثي حقيقيًا بلا مجاز فتتنازعه الناس ويختلفوا من حوله. سأنشدك شعرًا دون أن أعيّ في بيانه، وسأقف في حضرة جلالك أرافع عن قضيتي دون أن أحصر. متطهرًا من كل ما أملك، ملقيًا كل أحمل، متخليًا عن ذاتي الضعيفة الواهنة، التي لا تستطيع أن تحلق ما لم تهبي لها قبسًا من الروح."

تحت الأرض خليكي
بركان يتغزل فيكي
خلّي الجذور تحميكي
بترجى فيكي